كلما اقترب العيد إلا واختبئ من نفسي ، اشعر بشيء حارق في حلقي وتلك الشهقة المبحوحة التي تصعد قوية من الاعماق تختزل كل ذاك الحنين اليه.. تصف حزنا جاثما على الصدر كجبل لا يريد ان ينزاح ولو قليلا .. اشعر بالاختناق الشديد وهذا الجرح بعمق الاخدود في القلب.. لكم عيدكم فافرحوا به ..وانا عيدي دفنته، و قرأوا
فوق قبره ما تيسر لهم من آيات..
أختبئ من نفسي عن نفسي وعن ذكريات تصطف أمامي تذكرني أن الحال لم يعد كما كان و لم يعد باستطاعتي الاتصال به ليسرع المجيء ، لم أعد احسب الايام و الساعات لأقف خلف الباب
اتحسس خطواته وهو يسرع الخطى فرحا .. لأفاجئه بفتح الباب حتى قبل طرقه ، وارتمي في حضنه وانا اصيح: با عيوش سبقتك تاني ..فتمتلئ الدنيا فرحا وسعادة ، ينسى تعب السفر ليرتمي في حضني كطفل اشتاق لأمه ويمطرني بالقبلات وهو يصيح وااااااااه يا سعيدة شحال توحشناك .. يترك مراكش بكل الاحباب و يأتي الي .. لأني أفهمه جيدا او لأني اشبهه كثيرا أو لأني الاقرب الى روحه .ابنته تلك المجنونة التي لا تقبل الظلم .. من اللحظة الاولى يمتلئ البيت فرحا وسعادة.. من اللحظة الاولى يجب ان يقدم التقرير التفصيلي عن الاحوال والاصدقاء والجيران ..وفي لحظة يتأجل كل شيء حتى تأتي القطة بلانكا.. يناديها بأعلى صوته: بلانكا هاني جيت.. وهي الاخرى تسمع صوته فتبدأ طقوس الدلال عليه ، يفتح حقيبته كأول شيء يقوم به يناديها: بلانكا قربي شوفي اش جيبت ليك ..لكن هذه المرة يتوقف عن الكلام و يتأسف كثيرا اووووف اووووووووف. يقول :اسمحلي لي يا بلانكا نسيت الفرماج في مراكش ، ، ويهم بالخروج لشراء علبة اخرى من البقال المجاور للبيت ، ينسى تعبه ليفكر في ارضاء قطة وهو الذي كلما اتصلت به يقول شري لبلانكا 20 درهم ديال الكفتة على حسابي.. كنت اضحك من كلامه و اتوعد بلانكا بالويل و الثبور لأنها تتقاسم معي باعيوش ..مرة سأله احد اصدقائه شكون هي هذه بلانكا لي كتسول عليها كل نهار ، حين اخبره انها قطة ضحك منه، الشيء الذي اغضب باعيوش.. في اليوم الموالي وانا اتصل به سـألني كيف حال فوزية ؟ باستغراب سالته عن صاحبة الاسم ، فأجاب بصوت خافت انها بلانكا بدلت ليها الاسم.. تبادلنا الضحكات من يومها وهو يناديها فوزية ..
تناول بعض الطعام وخلد الى النوم.. غرفته كانت تنتظر استقباله وانا اريده ان يرتاح حتى يستجمع قوته و نقضي اياما من المتعة والضحك بلا حدود ..افرح حين يأتي فالدنيا على سعتها لا تكفي فرحي ، فالعيد معه له متعة خاصة أصحبه معي لشراء كل ما يلزم العيد.. هذه المرة قررت الذهاب معه الى احد الاسواق التجارية الكبرى كان هناك سلم كهربائي، حين دعوته الى استعماله ، كنت اعرف مسبقا ردة فعله ، رفض رفضا قاطعا.. وأنا استغل الفرصة لمشاكسته فاقوم بالصعود والنزول ليتأكد ان الامر سهل جدا: شوف يا المراكشي الخواف ..لكنه رفض ، حينها قلت انتظرني قليلا سأشتري بعض الاشياء نسيتها واعود.. عند عودتي وجدته كطفل جميل فرح كان يصعد وينزل بالسلم واخذ يناديني بأعلى صوته سعيدة شوفيني .. انا راه ولد البلاد.. كدت انفرج من الضحك نسينا الناس و هم ينظرون الينا كمجانين عانقته وضحكنا..
أغمض عيني فطيفه يملأ البيت .. لا اعرف كيف هو العيد ..فلا تخبروني عنه .. فأنا اغرق في حزني وانا انتظر ان يطرق الباب واراه امامي يبتسم و يضمني وهو يقول: شحال توحشناك ..
سعيدة بنت العياشي
#أنا_إنسان #أتألم