اهتز الرأي العام الوطني لفاجعة وفاة الطفلة مريم ذات 14 ربيعا اثر تعرضها الى محاولة اجهاض بطريقة سرية و في ظروف تنعدم فيها اي شروط الوقاية او حتى المعرفة بنتائج الفعل الذي اقتدمت عليه اسرة الطفلة التي تعرضت للاغتصاب نتج عنه حمل في منطقة قروية ببومية اقليم ميدلت ، و بدل متابعة المغتصب من طرف عائلة الطفلة لجأت الى محاولة الاجهاض خوفا من “الفضيحة” مما عرض الطفلة الى نزيف حاد نقلت على اثره الى المستشفى لكنها فارقت الحياة .. هذه الفاجعة اعادت النقاش مرة اخرى حول الاجهاض بصفة عامة لاسيما و ان هناك حالات كثيرة سرية تتم في صمت وقد تكون أدت الى عواقب وخيمة وبقيت طي الكتمان ولم يتم الكشف عنها. والقضية اعادت النقاش ايضا الى ضرورة مراجعة القانون الجنائي و ملائمة العقوبة مع فداحة الجرم و تشديدها ، بل هناك من يطالب بتطبيق أقصى العقوبات التي قد تصل الى المؤبد في حق مغصبي الاطفال كوسيلة رادعة للتقليل من هذه الظاهرة التي صارت تقلق الجميع. وتسائل القائمين على القانون ببلادنا.
في هذا الاطار فتحت النقاش علانية و قد اثار النائب البرلماني السيد رشيد الرحموني نقطا جد هامة في الموضوع اثناء مناقشة القضية على القناة الثانية فالامر لم يعد من الطابوهات و يجب فتح نقاش جاد حول موضوع الاغتصاب حتى لا تغتصب القاصرات من طرف الجاني و تغصب بعنف من طرف مجتمع لا يرحم
هذه مداخلة الاستاذ رشيد رحموني و فيها الكثير من النقط الهامة و التي تفتح باب النقاش الواسع بين كل الفاعلين من رجال قانون و باحثين و مجمتع مدني .
من جهتها كتب نجاة انور رئيسة منظمة ما تقيش ولدي ان المنظمة تابعت ما حدث للطفلة المغدور بها مريم بقرية بومية بإقليم ميدلت، عندما تم اغتصابها و نتج عنه حمل، و تم تعريضها لعملية إجهاض سرية مما أدى إلى وفاتها.
و لـحد الان تتساءل الـمنظمة عن سبب عدم التبليغ بعملية الاغتصاب من طرف والدتها و متابعة المغتصب.
فالـمنظمة لاحظت أن القاصرات اللواتي تعرضن للاغتصاب و نتج عنه حمل، يتعرضن لضغوطات كبيرة من طرف ذويـهن و الـمـجتمع، فيكون مصيرهن إما الإغلاق عليـهن من طرف عائلاتهم فـي المنزل و بالتحديد في غرفهن حتى لا يعلم الاهل و الـجيران بـحملهن كأنهن سبب مـحنتهن و يعاقبن من طرف العائلة و يـحتقرن من طرف وسطهن، أو يتم تعريضهن قسرا لعملية الإجهاض حتى يتم طمس القضية و يُـحفَظ شرف العائلة حتى لو كلف ذلك حياتهن.
فمن يـجب مـحاسبته فـي هاته المعادلة التي تظهر خللا أخلاقيا و فكريا لدى وسط الضحايا و أهلهن؟ و أين نـحن كمجتمع مغربي و حقوقي من أجل حماية أطفالنا؟ و أين القوانين التي طال انتظارها من أجل تـحيينها و ملاءمتها مع مضامين المعاهدات الدولية التي وقع عليها المغرب و دافع عنها دوليا؟
لذلك ترى منظمة ماتقيش ولدي أن من أجل وضع حد نهائي لمثل هاته الـجرائم فـي حق الطفولة المغتصبة، وجب على عائلات القاصرات ضـحايا الاغتصاب أن تقوم بإرجاعهن بعد مدة من الزمن حتى يخضعن لفحوصات خاصة بالكشف عن الـحمل، و يستفدن من الرعاية اللازمة من أجل الـحفاظ على حياتهن و يتم القيام بزيارتهن فـي منازلهن من أجل التتبع النفسي و تقييم وضعيتهن العامة وسط عائلاتهن و مـحيطهن، حتى لا يتعرضن لأي شكل من التمييز أو التحقير و معالـجة أي مضاعفات نفسية جراء ما تعرضن لهن.
إن حماية الأطفال مسؤولية الـجميع، فعوض تعريض الأطفال ضـحايا العنف مهما كان نوعه للتمييز و تـحميلهم مسؤولية الـجريمة التي تعرضوا لها، وجب دعمهم و حمايتهم و فضح المـجرمين، لأن الشرف يضيع عندما نصمت و نـختبئ و ندع مـجرما حرا طليقا، و كل جريمة يقوم بها، نصبح معه شركاء.
“لكي لا نصبح شركاء فـي العنف ضد الطفولة، سنرفع أصواتنا و نـحمي أطفالنا و مستقبل مـجتمعنا“.